روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات طبية وصحية | الصحة الجيدة تضيف حياةً.. إلى السنين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات طبية وصحية > الصحة الجيدة تضيف حياةً.. إلى السنين


  الصحة الجيدة تضيف حياةً.. إلى السنين
     عدد مرات المشاهدة: 2581        عدد مرات الإرسال: 0

من بين كل عشرة أشخاص يعيشون في عالمنا الآن شخص جاوز الستين من العمر. وفي غضون ثلاثة عقود سيكون من بين كل أربعة من سكان العالم شخص قد جاوز الستين.

وتُعْرَف هذه الظاهرة بتشيُّخ السكان، إذ يتغيّر معها الهرم السكاني الموزَّعة عليه الفئات العمرية المختلفة، والتي ظلت فئة كبار السن هي الأصغر فيه، أي قمة الهرم، لكنها باتت الآن أكثر اتساعاً عن ذي قبل.

وتحتفل منظمة الصحة العالمية بيوم الصحة العالمي لهذا العام في ظل عالمٍ آخذٌ في التشيُّخ، تزداد متوسطات أعمار سكانه بنسبة ملحوظة؛ فمتوسط العمر الذي كان حتى بضعة عقود مضت لا يتجاوز سن الخمسين، يصل الآن في كثير من البلدان إلى ما فوق الثمانين، ويفسح المجال أمام الكثيرين من سكان المعمورة ليحظوا بفرصة لم تتهيأ لأسلافهم، وهي العيش حتى يروا أبناء أحفادهم.

ومع تنامي ظاهرة الشيخوخة يتعيّن اتخاذ موقف واقعي وإيجابي منها حتى نتأكّد أننا جميعاً سنحظى بشيخوخة مفْعَمة بالنشاط ومحفوظة فيها الكرامة. ومن شأن موقف كهذا مدروسٍ ومخططٍ له بعناية أن يوطِّد حفظ وتعزيز حقوق المسنين والمسنات الذين يُتوقّع أن تصل أعدادهم بحلول عام 2050 إلى مليارَي نسمة، أي 22% من مجموع سكان العالم.

إذن، إنها الشيخوخة، تزحف بشعر أبيض وأجساد متفاوتة لتصنع سمة غير مألوفة في تاريخ الإنسان!

وبصورة عامة، يجنح الإنسان إلى احتساب سنوات عمره وفق نوعية الحياة التي يعيشها وليس وفق عدد السنوات التي أحصى مرورها على جسده وأحواله. وكثيراً ما يعبّر الأشخاص عن رغبتهم في محو سنوات من عمرهم لأسباب مختلفة، يتمثّل أبرزها في الندم على عدم الاستفادة من الوقت أو بسبب أحزان عاصروها أو انشغالات كبرى أدت بهم إلى عدم "التمتّع" بحياتهم وما إلى ذلك.

ويثابر كثيرون على محاولة تحقيق ما يطمحون إليه حتى في أواخر العمر. ويصرّون على تحقيق ما يظنون أنه "حلم حياتهم". ولا يتردد البعض في ممارسة هواية لم يجدوا لها مكاناً في حياتهم. وتعلو الصفحة المخصصة للاحتفال بـ "يوم الصحة العالمي" ضمن الموقع الإلكتروني لـ "منظمة الصحة العالمية"، صورة لشيخ تجاوز الثمانين من العمر.

ويمارس رياضة "القفز المرتد بالحبل" التي يخشاها كثير ممن هم في ربع عمره! ويورد الموقع أن هذا الشيخ لم يجد سوى السنوات المتأخّرة من عمره لممارسة هذه الهواية التي لم يستطع أن يمارسها حين كان في ريعان الصبا والشباب!

إذن، إنها نوعية حياة الإنسان التي يحتسبها الناس عادة، فيصفونها بالأفضل أو الأهم أو الأكثر فرحاً. ويكثر دخول أفعل التفضيل على الوصف شيئاً فشيئاً مع التقدم في العمر، إذ تصبح المقارنات أكثر حضوراً مما كانت عليه أيام الشباب. والكلام عن التقدّم في السنّ الذي يؤدي حتماً إلى الشيخوخة، بات متشعباً جداً، في ظل الدراسات المتعددة التي تعمد إلى محاولة فهم ما سرّ التعمير وكيفية انعكاسه على المجتمعات.

ويُطلق على أوروبا اسم "القارة العجوز"،" ولا يعني هذا أن "عجائزها" يعيشون حياة غير جيدة، تماماً كالكلام عن العنصر الشاب في العالم العربي، وهو كلام لا يُعبّر بالضرورة عن حقيقة ما يرزح تحته شباب العرب.

وقد يكون من السهل تمييز النظرة، بين الغرب والشرق، بالنسبة الى المسنين لمجرد وضع مصطلحات خاصة بهذا الموضوع على محرك البحث "غوغل". فعند استخدام اللغة العربية في البحث، تأتي النتيجة عشرات المقالات التي تتكلم عن كيفية إخفاء معالم الشيخوخة عبر عمليات الحقن والشد والتجميل.

ومن ثم تظهر في البحث في مراحل متقدمة كيفية "تفادي" عوارض الشيخوخة، في ما يتعدى "التجاعيد"، وشيخوخة الجسد. ولكن البحث عن المصطلحات نفسها في كثير من اللغات الأجنبية، يؤدي إلى سيل من المعلومات عن أهمية الرياضة ونوعية الأكل والحياة وغيرها، من دون أن يهمل الجانب التجميلي أيضاً.

يظهر التفاوت في النظرة إلى الشيخوخة في شكل أساس في فهم هذا المصطلح، ومدى الاستعداد في المجتمع لوجستياً ومعنوياً للتعامل مع التقدم في السن، إضافة إلى سُبُل الاستعداد لهذه المرحلة. وينبع من الوعي لهذه المرحلة التي بات الجنس البشري يسير صوبها، بعدما شهد القرن العشرون زيادة تاريخية في معدل حياة الإنسان.

فعلى امتداد السنوات الخمسين الماضية، ازداد العمر المتوقع عند الولادة عالمياً على نحو تدريجي حوالى 20 سنة ليصل إلى 66 سنة، بفضل التقدم الذي شهدته المعارف والتكنولوجيا الطبية. وحاضراً، يجتاز قرابة مليون شخص عتبة الستين عاماً شهرياً، ينتمي قرابة 80 في المئة منهم إلى البلدان النامية.

والشريحة الأسرع نمواً بين السكان المسنين هي شريحة الأشخاص الأكثر تقدّماً في السن، أي في سن الثمانين وما فوق. ويبلغ عددهم 70 مليوناً. ويُتوقع أن يزيد عددهم خمس مرات على امتداد السنوات الخمسين المقبلة.

وتفوق المسنّات المسنّين عدداً على نحو يتزايد في المراحل المتقدمة من السن. ويُقدر اليوم أن هناك 81 رجلاً مقابل كل 100 امرأة فوق سن الستين. وتنخفض نسبة الذكور عند سن الثمانين وما فوق، لتصبح 53 رجلاً مقابل كل 100 امرأة، وفق تقرير صدر عن "الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة" الذي عُقد في مدريد في نيسان (إبريل 2002).

ويؤكِّد الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لشرق المتوسط: "أن الحاجة ماثلة لجهود متضافرة وتعاون شامل للاستجابة لمتطلبات شيخوخة السكان، حيث ستكون هناك حاجة لبذل المجهودات في جميع المجالات من أجل تقديم رعاية متكاملة على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الدعم الأسري".

وإزاء هذا الوضع الذي تترافق فيه الجوانب الإيجابية مع التبعات التي تمثّل تحدّيات للنظم الصحية والاقتصادية، بل والاجتماعية في سائر البلدان، توصي منظمة الصحة العالمية – من خلال يوم الصحة العالمي الذي يتناول هذا العام موضوع "الشيخوخة والصحة" بإطلاق ثلاثة نداءات للعمل من أجل إضافة حياةٍ إلى السنين، وهي:

- تعزيز أنماط الحياة الصحية واتّباعها في جميع مراحل الحياة.

- خلق السياسات والبيئات المراعية للسن من أجل انخراط المسنين والمسنات فيها.

- جعل الرعاية الصحية الأولية مراعية للسن.

ويندرج تحت هذه النداءات الثلاثة قائمة طويلة من التدابير والتوصيات التي يجب الأخذ بها وإشراك كافة فئات المجتمع في تنفيذها، بدءاً من صانعي القرار وراسمي السياسات ومقدّمي الرعاية الصحية وقوى المجتمع المدني والإعلاميين والأكاديميين والأفراد ووصولاً إلى المسنين أنفسهم.

وتحمل منظمة الصحة العالمية، وسائر الشركاء، على عاتقها مهمة القضاء على الخرافات المرتبطة بالشيخوخة، والتي تسهم في تشكيل الوصم الذي قد يحرم كبار السن من حقهم في أن يحيوا حياة طبيعية ونشطة ومنتجة، يتمتعون فيها بموفور الكرامة ويواصلون الاندماج في عائلاتهم ومجتمعاتهم.

"من الوصمة إلى الشيخوخة المفعَمَة بالنشاط وحفظ الكرامة" هو عنوان إحدى الأوراق البحثية التي تطلقها منظمة الصحة العالمية بمناسبة يوم الصحة العالمي. وتنطلق هذه الورقة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن "جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق".

وتؤكّد على أن هذه المساواة لا تتغير بالتقدُّم في العمر: فالمسنون والمسنات لهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها سائر الناس في أي مرحلة عمرية أخرى.

ومن خلال نماذج حيّة، يلقي يوم الصحة العالمي لهذا العام الضوء على العلاقة العضوية بين الصحة والشيخوخة المفْعَمة بالنشاط والحيوية، كما أن شعار: "الصحة الجيدة تضيف حياةً إلى السنين" يكشف العلاقة الوطيدة بين جودة الحياة الصحية واستمرار الإنسان في تقديم أدواره في الحياة باستقلالية، ودون وصاية، أو استبعاد أو ازدراء.

ومن هنا تؤكِّد منظمة الصحة العالمية على أن كبار السن، من الرجال والنساء على السواء، يستحقون رعاية صحية جيدة ولا يجوز الزعم بأن مجرد تقدّمهم في العمر يمثل مَرَضاً في حدّ ذاته أو يجعل من إصابتهم بالأمراض أمراً طبيعياً لا يجوز التدخل الطبي لمواجهته.

الكاتب: عبد الرحمن هاشم

المصدر: موقع المستشار